/ الفَائِدَةُ : (89) /
26/03/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / إِعداد القوَّة لدى المسلمين برويَّة وحرمة التَّفريط بها / إِنَّ ما ورد في بيانات الوحي من نهي، كالوارد في بيان الإِمام الصَّادق (صلوات اللَّـه عليه)، عن عبد الرحمٰن بن کثیر، قال: «کُنْتُ عند أَبي عبدالله عليه السلام إِذْ دخل عليه مهزم، فقال له: جُعِلْتُ فداك، أَخبرني عن هذا الأَمر الَّذي ننتظره متى هو؟ فقال: يامهزم ... وهلك المستعجلون، ونجا المُسلِّمون»(1) ليس عن بناء القوَّة والحَثِّ علىٰ قِلَّة النَّشَاط ـ كما يقرؤه الكثير بهذه القراءة الخاطئة ـ بل النهي عن العجلة والإِثارة والصَّخَب، فعلىٰ مَنْ يبغي بناء مشروع خيري أَنْ يسعىٰ برويَّة ونفس طويل ونشاط كبير، فإِنَّه مشمول ببیان قوله تعالیٰ: [وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ](2). فإِنَّه برهانٌ وحيانيٌّ دالٌّ علىٰ أَنَّ اِستعمال القوَّة لدىٰ المؤمنين ـ سوآء كانت قوَّةً اِقتصاديَّة أَو فكريَّة أَو عسكريَّة أَو أَمنيَّة أَو ماليَّة أَو سكانيَّة وغيرها من سُبُلِ الخير والقوَّة ـ للدِّفاع عن جسد الإِسلام والمسلمين والمؤمنين واجب شرعيّ ـ عينيّاً كان أَم كفائيّاً، جماعيّاً أَو مجموعيّاً واجب ـ علىٰ كُلِّ مسلمٍ يتمكَّن من تقوية جسم القوَّة في بدن الإِسلام والمسلمين، ويُحرَّم علىٰ مَنْ يتقاعس، بل مَنْ يُفرِّط ببذرة من قوَّةٍ يمكنه الإِعداد لها يعضد بها جسم الإِسلام والمسلمين. / القوَّة البشريَّة أَعظم أَسباب القوَّة / ثُمَّ إِنَّ أَحَد أَسباب القوَّة الَّتي حثَّتْ عليها بيانات الوحي: القوَّة البشريَّة. فانظر: 1ـ بيان قوله جلَّ ثناؤه: [ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا](3). 2ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله : «تزوجوا فإِنَّي مُكَاثِر بكم الأُمم حتَّى أَنَّ السُّقْطَ لِيَظِلَّ مُحْبَنْطئاً علىٰ باب الجنَّة، يُقال له: أُدْخُل، يقول: حتَّى يَدْخُلُ أَبوَاي»(4). ودلالتهما واضحة. بل القوَّة البشريَّة أَصبحت في العصر الرَّاهن أَعظم سلاح عسكريّ واِقتصاديّ وتنمويّ وعلميّ، بل وإِسْتَرَاتِجِيّ ودُوَلِيّ. وقد أَجمعت الدِّراسات العصريَّة علىٰ أَنَّ ما قاله سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله في المقام أَعظم سبباً للقوَّة ولو بالسُّقْطِ. وبعبارة أُخرىٰ: أَنَّ بيانات الوحي مع أَنَّها لا تحصر القوَّة بالكَثرة، بل هناك أُمورٌ أُخرىٰ، منها: الإِيمان، والصَّبر، والجَلْد، والحرب النفسيَّة ـ فإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ ـ . فلاحظ: أَوَّلاً: بيان قوله تعالىٰ ذكره: [وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ](5). ثانياً: بيان قوله عَزَّ وَجَلَّ ذكره: [ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ](6). لكن مرادها: أَنَّ مجموع الأَسباب مُؤثِّرٌ بالقوَّة، ومن تلك الأَسباب المُهمَّة القوَّة البشريَّة. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) شرح أُصول الكافي للمازندراني، 6: 333/ح2. (2) الأَنفال: 60. (3) الإِسراء: 6. (4) بحار الأَنوار، 79: 117. (5) براءة (التوبة): 25. (6) البقرة: 249